لم يعد من المستغرب أن تصادف مقطع فيديو يبدو حقيقياً تمامًا، لكنه في الواقع لم يحدث قط. الفيديوهات المزيفة بالذكاء الاصطناعي، المعروفة باسم “التزييف” أصبحت أداة خطيرة تُستخدم لأغراض خادعة ومتنوعة، من التضليل الإعلامي إلى الابتزاز وتشويه السمعة. ومع تطور هذه التقنية، يصبح من الضروري أن نكون أكثر وعيًا بوجودها وطرق كشفها.
ما هي الفيديوهات المزيفة بالذكاء الاصطناعي؟
الفيديوهات المزيفة بالذكاء الاصطناعي هي مقاطع يتم إنشاؤها أو تعديلها باستخدام تقنيات “التعلم العميق” بهدف خلق مشاهد لم تحدث فعلاً. قد تُظهر هذه المقاطع أشخاصاً يقولون أو يفعلون أشياء لم يقوموا بها، مما يجعلها أداة قوية للتضليل السياسي والاجتماعي وحتى التجاري.
لتقارير أمنية، زادت محاولات الاحتيال باستخدام التزييف العميق بأكثر من 20 ضعفًا خلال السنوات الثلاث الماضية، ويرجع ذلك إلى سهولة الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي وانتشار البيانات الشخصية عبر الإنترنت.
كيف تُصنع هذه الفيديوهات؟
تعتمد عملية التزييف على خوارزميات الذكاء الاصطناعي المُدربة على آلاف أو ملايين الصور ومقاطع الفيديو الحقيقية لأشخاص معينين. تُستخدم هذه البيانات لتوليد فيديوهات تُظهر الأشخاص بوجوههم وأصواتهم، ولكن بأفعال أو أقوال لم تصدر عنهم.
الخطير هنا أن هذه المقاطع لا تُظهر علامات واضحة للتلاعب، خاصةً عند دمجها بتقنيات استنساخ الصوت، مما يزيد من صعوبة اكتشافها.
أمثلة عملية:
فيديو مفبرك لسياسي يعلن موقفًا مزيفًا قد يشعل أزمة دبلوماسية.
مقاطع مزيفة لمشاهير تروج لمنتجات احتيالية.
استغلال وجوه الأبرياء في محتوى إباحي مزور.
علامات تدل على التزييف
رغم تطور التقنية، لا تزال هناك إشارات تساعد في كشف المقاطع والصور المزيفة، منها:
تشوهات جسدية: يد بها 6 أصابع، أو أذن غير متناظرة.
تناقض الظلال أو الإضاءة: يظهر في المناطق المعدلة مقارنة ببقية الصورة.
عدم تزامن الصوت مع حركة الشفاه في الفيديو.
تفاصيل غير دقيقة: مثل الشعر، الحواجب، والأسنان قد تظهر بشكل غريب.
تشويش في الحواف: يدل على المونتاج أو الدمج.
مخاطر انتشار الفيديوهات المزيفة بالذكاء الاصطناعي
زعزعة الثقة العامة: قد تتسبب في نشر أخبار كاذبة تؤثر على الانتخابات أو الرأي العام.
الابتزاز الرقمي: استخدام مقاطع مزيفة لإجبار الأفراد على دفع مبالغ مالية أو تنفيذ طلبات معينة.
نفي الأدلة الحقيقية: يمكن للمجرمين إنكار فيديوهات حقيقية بزعم أنها “تزييف عميق”.
هذا يجعل المجتمع أمام تحدٍ مزدوج: كشف المقاطع المزيفة، وعدم التشكيك في الحقائق.
ما هي جهود مكافحة هذه الظاهرة؟
تعمل العديد من الشركات على تطوير تقنيات لمكافحة الفيديوهات المزيفة بالذكاء الاصطناعي:
مايكروسوفت: طورت أدوات لإضافة “علامات مائية رقمية” تُمكّن من التعرف على الصور التي تم توليدها بالذكاء الاصطناعي. Microsoft Video
.
OpenAI: طورت نظامًا للتعرف على المحتوى التوليدي، وأداة لإضافة توقيع رقمي “مائي” للنصوص الناتجة عن أدواتها. Tool
كيف نحمي أنفسنا كمستخدمين؟
التدقيق قبل النشر أو التفاعل مع محتوى مثير للجدل.
استخدام أدوات الكشف عن التزييف، مثل برامج تحليل الصور والفيديو.
عدم مشاركة معلومات شخصية أو صور بكثافة على الإنترنت.
تعليم الأطفال والناشئة التمييز بين الحقيقة والتزييف في الوسائط الرقمية.
خاتمة:
في ظل تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت الفيديوهات المزيفة بالذكاء الاصطناعي سلاحًا ذا حدين: يمكن استغلالها في الترفيه والتقنيات الإبداعية، أو في التضليل والتشويه. النصيحة الأهم هي ألا نصدق كل ما نراه على الإنترنت، بل نتعامل مع المحتوى المرئي والسمعي بوعي وذكاء. دعم جهود الكشف والتوعية هو السبيل الوحيد لمواجهة هذا التحدي العالمي المتنامي.

0 تعليقات